
عندما يصبح التعليم في تونس عبئا بدلا من فرصة
- Habib ouja
- 21 مايو
- 2 دقيقة قراءة
تاريخ التحديث: 22 مايو
كان من المفترض أن يكون التعليم نافذة إلى المستقبل، لكنه أصبح عبئا ثقيلا على كثير من أبنائنا، بدلا من أن يكون فرصة لاكتشاف المعرفة. الفصول الدراسية، التي يُفترض أن تكون فضاءً للإبداع والتفكير، تحولت إلى أماكن تُفرض فيها مناهج تقليدية لا تواكب تطورات العصر، مما أدى إلى فقدان متعة التعلم.
بين الحفظ والاكتشاف: معضلة المناهج الدراسية
التعلم الحقيقي يُشعل الفضول ويحفّز البحث والتجربة، لكن الأساليب التعليمية السائدة عندنا تدفع الى الحفظ والتلقين دون توفير مساحة كافية للتطبيق العملي. فعلى سبيل المثال، يتدرّس الجغرافيا كمجموعة من الحقائق المجردة بعيدة عن واقعه وبيئته ؛ فقد يتعلم الطالب أساليب التكيف مع بيئة مطيرة بينما يعيش في منطقة متصحرة، مما يجعل المعرفة مجرد معلومات نظرية وليست مهارات قابلة للتطبيق. أما الرياضيات فتُدرّس غالبا بأسلوب نظري بعيدا عن الأنشطة التفاعلية التي تعزز استيعابها. فلماذا لا يتم تعزيز التجربة التعليمية بأنشطة ميدانية تجعل المعرفة أكثر ارتباطًا بالواقع، مثل إشراك المتعلمين في تصميم خرائط رقمية أو إجراء تجارب عملية لفهم تأثير المناخ على بيئتهم؟
الفجوة بين المعرفة والتطبيق
المناهج الدراسية تقدم المعرفة كمعلومات ثابتة دون تجربة فعلية، مما يُضعف قيمتها الحقيقية. فبدلا من الاكتفاء بتدريس نظريات العلوم دون تطبيق عملي، يمكن للتلاميذ مثلا دراسة تأثير التلوث البيئي على حياتهم اليومية. وعلى الرغم من وجود توصيات بدمج التطبيق العملي في البرامج التعليمية، يظل الإطار الزمني للحصص الدراسية محدودا، مما يجعل التجربة سطحية وغير مؤثرة.
التعليم والحياة الواقعية
بعد سنوات من الدراسة، كم من الطلبة يتخرجون وهم قادرون على مواجهة تحديات الحياة؟ يتم تدريس أساسيات الاقتصاد والتجارة دون منح الطلاب فرصة لإنشاء مشاريع صغيرة أو محاكاة بيئة عمل حقيقية. ينبغي أن يكون التعليم مرتبطا بالواقع، بحيث يتدرب المتعلم على مهارات مثل إدارة الميزانية، والتفكير النقدي، وحل المشكلات، مما يساعد على مواجهة الحياة بكفاءة أكبر.
مناهج تقليدية في عالم متجدد
رغم التطورات العالمية المتسارعة، تظل المناهج الدراسية عندنا متأخرة عن الركب. يُدرَّس الاقتصاد مثلا وفق مفاهيم قديمة دون إدراج عناصر حديثة مثل الاقتصاد الرقمي أو نماذج ريادة الأعمال المعاصرة. وكذلك تُدرَّس الجغرافيا وفق تصنيفات غير محدثة، مما يجعل بعض المعلومات غير دقيقة، مثل اعتبار كوريا الجنوبية بلدا ناميا أو الاعتماد على خرائط تصور العالم قبل تفكك الاتحاد السوفياتي. لماذا لا تتطور المناهج لتواكب التحولات الاجتماعية والاقتصادية، ما يمنحهم مهارات عملية لفهم بيئتهم والتفاعل معها بأسلوب أكثر واقعية.
الحاجة إلى ثورة تعليمية
إصلاح التعليم لم يعد خيارا، بل ضرورة ملحة. يجب أن تتطور المناهج لتدمج أساليب حديثة تركز على التفكير النقدي والتفاعل العملي مع المعرفة، بحيث يصبح التعليم تجربة متصلة بالحياة اليومية، تُعِد الأفراد لمواجهة تحديات العصر بفاعلية. والسؤال الأهم الآن: هل نحن مستعدون لاتخاذ هذه الخطوة الجريئة؟
Commentaires